-->

نانسى بيلوسى ومجلس النواب وعزل ترامب: قمة الديمقراطية

إجراءات عزل ترامب : قمة الديمقراطية
نانسى بيلوسى وعزل ترامب: قمة الديمقراطية
إتفقنا أو إختلفنا على الدور البرجماتى المصلحى الذى تقوم به الإدارة الأمريكية تجاه كافة دول العالم، وخصوصا تجاه المنطقة العربية، فإنه مما لا شك فيه أن مايحدث الأن فى الولايات المتحدة الأمريكية من إجراءات لعزل ترامب إنما هو قمة الديمقراطية، وتطبيق عملى لقواعد الحوكمة، بل وأنه يبرهن أن بعض الدول تعيش رياح الديمقراطية بينما دول أخرى لا تكاد تعرف نسمات الديمقراطية.

النظام السياسى الأمريكى
قد يرى البعض أن مايحدث الأن بين رئيسة مجلس النواب السيدة نانسى بيلوسى وترامب قد يكون نوع من المكايدة وتصفية الحسابات بين القطبين الحزبين الكبيرين الديمقراطى والجمهورى، بإعتباره صراع لديناصورات كبيرة يهدف لتكثير العظام ، فالجميع يعرف أن هذه الإجراءات لن تؤدى الى عزل ترامب. ولمن لا يعرف النظام السياسى الأمريكى فان الكونجرس وهو السلطة التشريعية المنوط بها إصدار القوانيين ويقع مقره فى العاصمة واشنطن، يتكون من غرفتين رئيسيتين هما مجلس النواب ومجلس الشيوخ.

مجلس النواب
- يعد بمثابة مجلس الشعب وهو المسؤول عن تقديم مشاريع القوانين و التعديلات وخلافه،كما أن له سلطة الشروع في إجراءات عزل المسؤولين الحكوميين.

- يتكون من 435 عضوا يسمى الواحد منهم نائب بلدي، وتقسم الولايات إلى مراكز بلدية ولكل مركز عدد محدد من النواب حسب عدد السكان.


- يتم إنتخاب الأعضاء لمدة سنتين  دون قيد على عدد المرات التي يمكن لهم أن ينتخبوا فيها،وتتم الإنتخابات كلها في نفس الوقت.

- كل نائب ينتخب في منطقة جغرافية معينة  ضمن الولاية، تسمى "دائرة بلدية".

- ينتخب أعضاء مجلس النواب رئيساً للمجلس ، وهو المسئول الأول عن إدارة المجلس ، والذي يكون فى الغالب عضوا في حزب الأكثرية.


مجلس الشيوخ
- يتكون مجلس الشيوخ  من 100 شيخ أو سيناتور (اثنان من كل ولاية).


- يعد  "المجلس الأعلى" إذ أنه هو المنوط بالتشاور، والمداولة، أكثر من مجلس النواب.

- ينتخب كل عضو في مجلس الشيوخ لفترة ست سنوات دون قيود على عدد الدورات التي يمكنه الخدمة فيها.

- المقاعد الشاغرة في مجلس الشيوخ يتم إشغالها، من خلال تعيينات يقوم بها حاكم الولاية.

- نائب رئيس الولايات المتحدة يخدم كرئيس لمجلس الشيوخ، ولا يصوت إلا إذا تساوت الأصوات.


- يمنح الدستور مجلس الشيوخ سلطة الموافقة على الترشيحات الرئاسية ، بما في ذلك قضاة المحكمة العليا ، و يتم تكليف أعضاءه بالموافقة على المعاهدات مع الدول الأجنبية.

- رغم أن إجراءات الإقالة تبدأ في مجلس النواب ، إلا أن مجلس الشيوخ هو السلطة الوحيدة التى لها الحق فى إجراء محاكمات الإقالة.

- يتعين على ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ على الأقل إعتبار الرئيس مذنب حتى يمكن إقالته من منصبه.

رؤساء سابقين تم إحالتهم لمجلس الشيوخ للعزل من مناصبهم

بالطبع هذه ليست المرة الأولى التى يحال فيها رئيس للولايات المتحدة الأمريكية الى المحاكمة، فقد سبق لمجلس النواب إحالة ثلاث رؤساء قبل ذلك الأول هو أندرو جونسون عام 1868 عندما أصر على إقالة وزير الحرب إدوين ستانتون، مما دفع مجلس النواب إلى سحب الثقة منه، ولكنه تمكن من تجنب الإدانة في مجلس الشيوخ، ولم يتم عزله.

والثانى ريتشارد نيكسون عام 1974 والذى وجهت له تهم عرقلة العدالة، وإساءة استخدام السلطة، وعرقلة عمل الكونغرس. وكانت جميع التهم الموجهة إلى نيكسون تتعلق بما عرف فى ذلك الحين باسم "فضيحة ووترغيت عام 1972، والمرتبطة بالتجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس. ولكنه بمجرد أن سحب أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون ثقتهم من نيكسون، أسرع بتقديم إستقالته قبل البدء فى إجراءات عزله.

والثالث بيل كلينتون عام 1998 عندما إتهمه مجلس النواب الأميركي بتهمتين هما: الحنث باليمين أمام هيئة محلفين كبرى، عندما كذب بشان بوجود علاقة جنسية مع المتدربة في البيت الأبيض آنذاك مونيكا لوينسكين ، وعرقلة الدعاوى القضائية. لكن لم  يستطع الجمهوريون حشد الأغلبية في مجلس الشيوخ لإدانة كلينتون، وبالتالي لم يتم عزل كلينتون وأكمل فترته الرئاسية حتى عام 2001.

الموقف الحالى لعزل ترامب
بما أن مجلس النواب الحالى يسيطر عليه أغلبية من الحزب الديمقراطى، لذلك إستطاع أن يحيل ترامب للمحاكمة أمام مجلس الشيوخ بأغلبية 230 صوتا مقابل 197 صوتا من الرافضين، بتهمتين هما إستغلال السلطة وعرقلة عمل الكونجرس، ويبدوا أنها هى نفس التهم الجاهزة لتوجيها لكل الرؤساء المتهمين. 

وقد وصف البيت الأبيض نتائج هذا التصويت بأنها أكثر اللحظات المشينة فى تاريخ الولايات المتحدة ، وأن البيت الأبيض واثق من تبرئة ترامب من كل هذه التهم، وهو كلام صحيح ومنطقى ليس لأن ترامب غير مذنب ، ولكن لأن مجلس الشيوخ يسطر عليه أغلبية جمهورية من حزب الرئيس، وبالتالى فهو لايولى إهتماما كبيرا فى المحاكمة، وخصوصا أن مجلس النواب ليس لديه أدلة على هذه التهم، وبالتالى فإن نتيجة هذه المحاكمة قد تذهب أدراج الرياح وستتم تبرئة ترامب من التهم المنسوبة له.

مشكلة ترامب أنه شخص رأسمالى براجماتى لا يهمه إلا مصلحة المواطن الأمريكى حتى ولو كان ذلك على حساب سمعة ومصداقية الولايات المتحدة الأمريكية، وعمله كرجل أعمال جعله يقيس كل الأشياء بمنطق الربح والخسارة ولذلك فهو يبلى بلاء حسنا بخصوص إقتصاد الولايات المتحدة، رغم سلوكه الغريب أحيانا والمخالف لكل المتوقع.
الذى يعنينى فى الأمر ليس عزل ترامب أو الإبقاء عليه، بقدر ماأدهشنى هذا الفيض الجارف من الديمقراطية التى تتمتع بها شعوب العالم خصوصا عند مقارنة أداء إمرأة "بمائة رجل" وهى السيدة نانسى بيلوسى بأداء الكثير من رؤساء البرلمانات العربية. عندها فقط تشعر أننا لم نضع ولا قدم واحدة فى طريق الديمقراطية.     
د.محمد جلال
كاتب المقالة
كاتب ومحرر في موقع إهتمامات العرب .

جديد قسم : أخبار سياسة