مشاكل العقار فى مصر
دائما ماكنا نسمع ونحن صغار أن الحكومة فقيرة بينما الشعب غنى.
فالحكومة إمكانياتها ومواردها ضعيفة ولا تقوى على أداء دورها تجاه المواطن بالشكل المطلوب، رغم أن الشعب معاه الكثير وهو مايظهر فى التكالب على شراء السلع والمنتجات فى المواسم والأعياد.
مشاكل العقار فى مصر |
ويبدوا أن الحكومات السابقة كانت تردد نفس الأقاويل ولكنها لم تكن تقوى على مد يديها فى جيوب الشعب، وإستسلمت لهذه المقولة وقصرت فى كل شئ متذرعة بهذه الحجة.
ثم أفاقت الدولة أخيرا، وقررت أن تتقاسم الثروة مع الشعب، وبدأت فى الإنتباه إلى الفرخة التى تبيض ذهبا.
تكاليف الإحتفاظ بعقار بالنسبة للمواطن
فى سابق العهد كان من يمتلك عقارا من الأثرياء، ذلك أن العقارات كانت تنموا قيمتها بما يفوق متوسط معدل التضخم، رغم أن العائد من إيجارها لا يتجاوز 5% من قيمتها السوقية، ولكن كان يعوض ذلك زيادة قيمتها المضطرد عاما بعد عام.
وفى الوقت التى تقاعست الحكومات السابقة فى بناء المساكن وتولى ذلك القطاع الخاص، وكان ذلك هو البديل المتاح للشعب، تكالب البعض على المعروض من الوحدات، وإنتهى عصر الايجار وإبتدء عصر التمليك وتكونت ثروات هائلة للكثير من المقاولين، الذين إستغلوا الفرصة وتحكموا فى أسواق العقار، لدرجة أن العقار كان يباع بأكمله ومازالت أساساته لم تنموا على الأرض.
وأيقن الجميع أن أفضل إستثمار هو فى العقارات، وأصبح الكثير يسكن فى وحدات تضاعفت قيمتها عبر السنوات وأصبحت بالملايين، فى حين أن دخولهم مازالت لا تتعدى الآلاف.
فى رأيى الشخصى فإن صاحب العقار مظلوم، بالطبع أنا لا أتكلم عن المقاولون والشركات التى تربحت من بيع العقارات، ولكنى أتكلم عن المواطن البسيط الذى وضع كل تحويشة عمره فى شقة تجعله يشعر بأدميته، وأنه إنسان من حقه أن يعيش مثل سائر البشر.
فمالك أى شقة أصبح الآن ملزما بالعديد من الإلتزامات، أنا لا أتكلم عن عن الفواتير الثابتة التى تدفع كل شهر والمغالى فى قيمتها أحيانا، كفواتير المياه والكهرباء والغاز والتليفون والإنترنت وصيانة العقار وأجرة البواب وخلافه، ولكنى أتكلم عن نوع أخر جد من الإلتزامات.
فمالك العقار عليه أن يدفع ليتصالح، طبعا بإعتباره الطرف الضعيف، أما المقاول الذى بنى وتربح فقد هرب من كل مسئولياته، وكذلك الذى إرتشى وفسد وأفسد من أجهزة الدولة، ثم هو مطالب مرة أخرى بدفع الضريبة العقارية، وهو مبلغ يختلف من عقار الى عقار أخر، ولكنه ليس بالقليل، ثم هو مطالب بدفع رسوم لتسجيل العقار، وأخيرا مطالب إذا باع بسداد ضريبة 2.5% نظير نقل الملكية، وإلا يحرم من إدخال المرافق كالهرباء والمياه والغاز وخلافه، ليعود المواطن المصرى للعصر الحجري بفضل حكومته الرشيدة.
أوقات عصيبة بسوق العقارات
لم يقف الأمر على مايتكبده المواطن المصرى من أجل الإحتفاظ بالعقار، أو حتى فى بيعه، والمتمثل فى ضريبة التصرفات العقارية، بل وصل الأمر لشركات التشييد والبناء التى أصبحت تعانى نتيجة تقلبات سعر الصرف وإنخفاض قيمة الجنيه المصرى وما يستتبعه من إرتفاع فى أسعار مواد البناء والتشطيبات، وعدم قدرة شركات التشييد على الوفاء بإلتزاماتها التعقادية قبل عملائها، لتلقى مزيدا من الشك على صمود هذا القطاع.
وعلى الرغم من أن العقارات هى إحدى أدوات الإستثمار التى يفضلها المصريين باعتبارها أحد الملاذات الآمنة من إنخفاض قيمة العملة المحلية وإرتفاع التضخم، فإن هناك حالة من عدم اليقين تتعلق بالمشروعات العقارية الجديدة.
أنا مقدر تماما أن الدولة يجب أن تأخذ حقها وأن تنمى مواردها ولكن ليس بهذه الطريقة، فأنا أخشى أن يأتى يوما تختنق فيه الفرخة أو يبيع فيه الكثير منا منازلهم وحينئذن لن تبيض فيه الفرخة إلا ترابا.