السياسة النقدية والسياسة المالية: أدوات تحقيق الاستقرار الاقتصادي (Economic Stability)
تُعد السياسة الاقتصادية (Economic Policy) بمثابة العمود الفقري الذي تستند إليه الحكومات والبنوك المركزية
لإدارة اقتصادات الدول وتوجيهها نحو تحقيق أهداف محددة، مثل النمو المستدام،
والتوظيف الكامل، والسيطرة على التضخم واستقرار الأسعار.
ومن بين الأدوات الرئيسية لهذه السياسات،
تبرز السياسة المالية للحكومات (Fiscal Policy) والسياسة النقدية (Monetary Policy)للبنوك
المركزية كقوتين مؤثرتين، لكل منهما آليات وأدوات خاصة تسعى لتحقيق التوازن
والازدهار الاقتصادي.
![]() |
السياسة النقدية والسياسة المالية: أدوات تحقيق الاستقرار الاقتصادي (Economic Stability) |
يهدف هذا المقال إلى استعراض مفهوم كل من
هاتين السياستين والفرق بينهما وأبرز الأدوات التي تعتمدان عليها في تحقيق
أهدافهما.
ماهي السياسة المالية؟
تُعرف السياسة المالية بأنها
استخدام الحكومة لأدواتها المتعلقة بالإنفاق الحكومي (Government Expenditure) والإيرادات (Government
Income)، وخاصة الضرائب (Taxes)، للتأثير على الاقتصاد الكلي.
تهدف السياسة المالية أساسا إلى تحفيز النمو الاقتصادي (Economic Growth) في فترات الركود عن طريق زيادة الإنفاق أو خفض الضرائب، مما يترتب عليه زيادة معدلات الإستثمارأو إلى تهدئة النشاط الاقتصادي ومكافحة التضخم (Inflation) عن طريق خفض السيولة من خلال خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب.
إقرأ أيضا
التضخم، وأسبابه ،وطريقة حسابه
![]() |
السياسة النقدية والسياسة المالية: أدوات تحقيق الاستقرار الاقتصادي (Economic Stability) |
أدوات السياسة المالية (Fiscal Policy Instruments)
هناك العديد من أدوات السياسة المالية التي
تستخدمها الحكومات مثل:-
- الإنفاق الحكومي(Government Spending) وهو يتضمن الإنفاق على المشروعات العامة (Public Projects)، والبنية التحتية
(Infrastructure) ، والتعليم (Education) ،
والصحة (Healthcare) ،
والدعم الاجتماعي، وزيادة الإنفاق الحكومي تضخ سيولة في
الاقتصاد وتحفز الطلب الكلي (Aggregate Demand).
- الضرائب (Taxation) تعتبر الأداة الرئيسية للإيرادات الحكومية، والتي يمكن للحكومة
تغيير معدلات الضرائب (Tax Rates) على الدخل (Income Tax)،
الشركات (Corporate Tax)،
والمبيعات (Sales Tax) للتأثير على الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري.
- التحويلات الحكومية (Government Transfers) تشمل المدفوعات غير المستردة مثل إعانات
البطالة (Unemployment Benefits) ومعاشات التقاعد (Pensions)، والتي تهدف إلى دعم الأفراد والأسر وتعزيز الإنفاق.
- الدين العام (Public Debt) تلجأ الحكومة إلى الاقتراض (Borrowing) لتمويل العجز في الموازنة (Budget
Deficit) ، ويعد الدين العام أداة
يمكن استخدامها لتمويل الإنفاق في الأجل القصير، ولكن يجب إدارته بحذر لتجنب
الآثار السلبية على المدى الطويل.
السياسة النقدية هي الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي (Central Bank) للتحكم في كمية النقود المتداولة (Money Supply) وأسعار الفائدة (Interest Rates) بهدف
تحقيق الاستقرار النقدي والاقتصادي.
تسعى السياسة النقدية إلى
الحفاظ على استقرار الأسعار (Price Stability)، ودعم النمو الاقتصادي (Economic
Expansion)، والحفاظ على استقرار
النظام المالي
(Financial System Stability).
أدوات السياسة النقدية Monetary Policy Instruments)
هناك العديد من أدوات السياسة النقدية التي
تستخدمها البنوك المركزية مثل:-
- سعر الفائدة الرئيسي (Policy Rate)،
وهو من أهم ادوات السياسة النقدية التي تتبناها البنوك المركزية، وهو السعر
الذي يفرضه البنك المركزي على البنوك التجارية مقابل إقراضها، والذي يؤثر
تغييره على تكلفة الاقتراض في الاقتصاد بأكمله.
- عمليات السوق المفتوحة (Open Market Operations) تتضمن شراء وبيع البنك المركزي للأوراق المالية الحكومية (Government Securities)والمتمثلة في أذون الخزانة وسندات الخزانة في السوق المفتوحة للتأثير على السيولة في النظام المصرفي وأسعار الفائدة قصيرة الأجل.
- نسبة الاحتياطي الإلزامي (Reserve Requirement Ratio) هي النسبة المئوية من ودائع البنوك التي يجب عليها الاحتفاظ بها كاحتياطي لدى البنك المركزي،وتغيير هذه النسبة يؤثر على قدرة البنوك على الإقراض، وبالتالي يؤثر على مستوي السيولة المتاحة في الأسواق.
ماهو الفرق بين السياسة المالية والسياسة النقدية؟
بعد إستعراضنا
السابق للسياسة المالية والسياسة النقدية وادوات كل منهما يمكننا معرفة الفرق بين
السياستين وأهمهم:
- أن السياسية المالية مسئولية الحكومات بينما السياسة النقدية مسئولية البنوك المركزية.
- أن أدوات السياسة المالية التي تتبعها الحكومات تختلف عن أدوات السياسة النقدية التي تتبناها البنوك المركزية.
- العلاقة بين السياسة النقدية والسياسة المالية هامة جدا، إذ انه يتحتم وجود تنسيق بين السياستين، فإن وجود أي تعارض بين السياستين قد لا يؤدي الى الوصول للهدف المنشود.
الخلاصة
تتكامل السياسة المالية والسياسة
النقدية في إدارة الاقتصاد الكلي، على الرغم من اختلاف أدواتهما
وآليات عملهما، فالحكومة تتولي مسؤولية السياسات
المالية من خلال قراراتها المتعلقة بالإنفاق والضرائب، بينما
يضطلع البنك المركزي بمسؤولية السياسة
النقدية من
خلال التحكم في العرض النقدي وتكلفة الاقتراض.
التنسيق الفعال بين هاتين السياستين أمر بالغ الأهمية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام في أي اقتصاد.